من هو سيدنا لوط عليه السلام


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


من هو سيدنا لوط عليه السلام

أرسله الله ليهدي قومه ويدعوهم إلى عبادة "الله عزوجل" وكانوا قوما ظالمين يأتون الفواحش ويعتدون على الغرباء وكانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء فلما دعاهم لوط لترك المنكرات أرادوا أن يخرجوه هو وقومه فلم يؤمن به غير بعض من آل بيته أما امرأته فلم تؤمن ولما يئس"لوط عليه السلام" دعا الله أن ينجيهم ويهلك المفسدين فجاءت له الملائكة وأخرجوا "لوط عليه السلام" ومن آمن به وأهلكوا الآخرين بحجارة مسومة دعى"لوط عليه السلام" قومه إلى عبادة "الله وحده لا شريك له" ونهاهم عن كسب السيئات والفواحش واصطدمت دعوته بقلوب قاسية وأهواء مريضة ورفض متكبر وحكموا على"لوط عليه السلام" وأهله بالطرد من القرية فقد كان القوم الذين بعث إليهم "لوط عليه السلام" يرتكبون عددا كبيرا من الجرائم البشعة كانوا يقطعون الطريق ويخونون الرفيق ويتواصون بالإثم ولا يتناهون عن منكر وقد زادوا في سجل جرائمهم جريمة لم يسبقهم بها أحد من العالمين كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء لقد اختلت المقاييس عند قوم "لوط عليه السلام" فصار الرجال أهدافا مرغوبة بدلا من النساء وصار النقاء والطهر جريمة تستوجب الطرد كانوا مرضى يرفضون الشفاء ويقاومونه ولقد كانت تصرفات قوم "لوط عليه السلام" تحزن قلب "لوط عليه السلام" كانوا يرتكبون جريمتهم علانية في ناديهم وكانوا إذا دخل المدينة غريب أو مسافر أو ضيف لم ينقذه من أيديهم أحد وكانوا يقولون "للوط عليه السلام" استضف أنت النساء ودع لنا الرجال واستطارت شهرتهم الوبيلة وجاهدهم "لوط عليه السلام" جهادا عظيما وأقام عليهم حجته ومرت الأيام والشهور والسنوات وهو ماض في دعوته بغير أن يؤمن له أحد لم يؤمن به غير أهل بيته حتى أهل بيته لم يؤمنوا به جميعا كانت زوجته كافرة وزاد الأمر بأن قام الكفرة بالاستهزاء برسالة "لوط عليه السلام" فكانوا يقولون كما ذكر القرآن الكريم في قصتهم

بسم الله الحمن الرجيم

 (ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)

صدق الله العظيم

ودعا الله أن ينصره ويهلك المفسدين

ذهاب الملائكة لقوم لوط

خرج الملائكة من عند "إبراهيم عليه السلام" قاصدين قرية "لوط عليه السلام" بلغوا أسوار سدوم وابنة  "لوط عليه السلام" واقفة تملأ وعاءها من مياه النهر رفعت وجهها فشاهدتهم فسألها أحد الملائكة يا جارية هل من منزل قالت [وهي تذكر قومها] مكانكم لا تدخلوا حتى أخبر أبي وآتيكم أسرعت نحو أبيها فأخبرته فهرع "لوط عليه السلام" يجري نحو الغرباء فلم يكد يراهم حتى (سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ) سألهم من أين جاءوا وما هي وجهتهم فصمتوا عن إجابته وسألوه أن يضيفهم استحى منهم وسار أمامهم قليلا ثم توقف والتفت إليهم يقول لا أعلم على وجه الأرض أخبث من أهل هذا البلد قال كلمته ليصرفهم عن المبيت في القرية غير أنهم غضوا النظر عن قوله ولم يعلقوا عليه وعاد يسير معهم ويلوي عنق الحديث ويقسره قسرا ويمضي به إلى أهل القرية حدثهم أنهم خبثاء أنهم يخزون ضيوفهم حدثهم أنهم يفسدون في الأرض وكان الصراع يجري داخله محاولا التوفيق بين أمرين صرف ضيوفه عن المبيت في القرية دون إحراجهم وبغير إخلال بكرم الضيافة عبثا حاول إفهامهم والتلميح لهم أن يستمروا في رحلتهم دون نزول بهذه القرية
سقط الليل على المدينة صحب  "لوط عليه السلام" ضيوفه إلى بيته لم يرهم من أهل المدينة أحد لم تكد زوجته تشهد الضيوف حتى تسللت خارجة بغير أن تشعره أسرعت إلى قومها وأخبرتهم الخبر وانتشر الخبر مثل النار في الهشيم وجاء قوم  "لوط عليه السلام" له مسرعين تساءل "لوط عليه السلام" بينه وبين نفسه من الذي أخبرهم وقف القوم على باب البيت خرج إليهم "لوط عليه السلام"متعلقا بأمل أخير وبدأ بوعظهم(هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) قال لهم أمامكم النساء زوجاتكم هن أطهر فهن يلبين الفطرة السوية كما أن الخالق جلّ في علاه قد هيئئهن لهذا الأمر (فَاتَّقُواْ اللّهَ) يلمس نفوسهم من جانب التقوى بعد أن لمسها من جانب الفطرة اتقوا الله وتذكروا أن الله يسمع ويرى ويغضب ويعاقب وأجدر بالعقلاء اتقاء غضبه(وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي) هي محاولة يائسة لِلَمْس نخوتهم وتقاليدهم و ينبغي عليهم إكرام الضيف لا فضحه (أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ) أليس فيكم رجل عاقل إن ما تريدونه لو تحقق هو عين الجنون إلا أن كلمات  "لوط عليه السلام" لم تلمس الفطرة المنحرفة المريضة ولا القلب الجامد الميت ولا العقل المريض الأحمق ظلت الفورة الشاذة على اندفاعها أحس "لوط عليه السلام" بضعفه وهو غريب بين القوم نازح إليهم من بعيد بغير عشيرة تحميه ولا أولاد ذكور يدافعون عنه دخل "لوط عليه السلام" غاضبا وأغلق باب بيته كان الغرباء الذين استضافهم يجلسون هادئين صامتين فدهش "لوط عليه السلام" من هدوئهم وازدادت ضربات القوم على الباب وصرخ  "لوط عليه السلام"في لحظة يأس خانق (قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ) تمنى أن تكون له قوة تصدهم عن ضيفه وتمنى لو كان له ركن شديد يحتمي فيه ويأوي إليه غاب عن "لوط عليه السلام" في شدته وكربته أنه يأوي إلى ركن شديد "ركن الله عزوجل" الذي لا يتخلى عن أنبيائه وأوليائه قال "رسول الله صلى الله عليه وسلم" وهو يقرأ هذه الآية "رحمة الله على لوط كان يأوي إلى ركن شديد"

هلاك قوم لوط

عندما بلغ الضيق ذروته وقال "لوط عليه السلام" كلمته تحرك ضيوفه ونهضوا فجأة أفهموه أنه يأوي إلى ركن شديد فقالوا له لا تجزع يا "لوط عليه السلام" ولا تخف نحن ملائكة ولن يصل إليك هؤلاء القوم ثم نهض "جبريل عليه السلام" وأشار بيده إشارة سريعة ففقد القوم أبصارهم التفتت الملائكة إلى "لوط عليه السلام" وأصدروا إليه أمرهم أن يصحب أهله أثناء الليل ويخرج سيسمعون أصواتا مروعة تزلزل الجبال لا يلتفت منهم أحد كي لا يصيبه ما يصيب القوم أي عذاب هذا هو عذاب من نوع غريب يكفي لوقوعه بالمرء مجرد النظر إليه أفهموه أن امرأته كانت من الغابرين امرأته كافرة مثلهم وستلتفت خلفها فيصيبها ما أصابهم سأل "لوط عليه السلام" الملائكة أينزل الله العذاب بهم الآن أنبئوه أن موعدهم مع العذاب هو الصبح (أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) خرج "لوط عليه السلام" مع بناته وزوجته ساروا في الليل وغذوا السير واقترب الصبح كان "لوط عليه السلام" قد ابتعد مع أهله ثم جاء أمر "الله تعالى" قال العلماء اقتلع "جبريل عليه السلام" بطرف جناحه مدنهم السبع من قرارها البعيد رفعها جميعا إلى عنان السماء حتى سمعت الملائكة أصوات ديكتهم ونباح كلابهم قلب المدن السبع وهوى بها في الأرض أثناء السقوط كانت السماء تمطرهم بحجارة من الجحيم حجارة صلبة قوية يتبع بعضها بعضا ومعلمة بأسمائهم ومقدرة عليهم استمر الجحيم يمطرهم وانتهى قوم "لوط عليه السلام" تماما لم يعد هناك أحد نكست المدن على رؤوسها وغارت في الأرض حتى انفجر الماء من الأرض هلك قوم لوط ومحيت مدنهم كان "لوط عليه السلام" يسمع أصوات مروعة وكان يحاذر أن يلتفت خلفه نظرت زوجته نحو مصدر الصوت فانتهت تهرأ جسدها وتفتت مثل عمود ساقط من الملح

قال العلماء

إن مكان المدن السبع بحيرة غريبة ماؤها أجاج وكثافة الماء أعظم من كثافة مياه البحر الملحة وفي هذه البحيرة صخور معدنية ذائبة توحي بأن هذه الحجارة التي ضرب بها قوم "لوط عليه السلام" كانت شهبا مشعلة يقال إن البحيرة الحالية التي نعرفها باسم "البحر الميت" في فلسطين هي مدن قوم "لوط عليه السلام" السابقة
انطوت صفحة قوم "لوط عليه السلام" انمحت مدنهم وأسمائهم من الأرض سقطوا من ذاكرة الحياة والأحياء وطويت صفحة من صفحات الفساد وتوجه "لوط عليه السلام" إلى "إبراهيم" زار "إبراهيم" وقص عليه نبأ قومه وأدهشه أن "إبراهيم" كان يعلم ومضى "لوط عليه السلام" في دعوته إلى "الله عزوجل" مثلما مضى الحليم الأواه المنيب "إبراهيم" في دعوته إلى "الله عزوجل" مضى الاثنان ينشران الإسلام في الأرض

إرسال تعليق

يجب التعليق في إطار الإحترام والأدب لايجوز السب نهائيا أو التعدي علي اي شخص بسبب دين أو عرق أو أي شيئ يقلل من شأن الزائرين والأعضاء ...

(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))

أحدث أقدم

نموذج الاتصال